لا يختلف اثنان على أن مرحلة إعادة الإعمار تحتاج كوادر وخبرات كفوءة قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل في ظل تسرب العمالة ونقصها في مختلف القطاعات الاقتصادية وخصوصاً الإنشائية والفنية، وأمام ندرة هذه الكوادر لدى مختلف مؤسسات الدولة فإن الحاجة تبدو أكثر من ملحة لتلبية هذه الاحتياجات وخصوصاً مع عودة عجلة التنمية الاقتصادية إلى دورتها، وإن بشكل متباطئ في ظل حصار اقتصادي غربي جائر بدأ يفرض إيقاعه النشاز على مختلف مناحي العمل ويطل برأس أفعى سامة من حين إلى آخر عبر أزمات خانقة كسلاح آخر يتمثل بالإرهاب الاقتصادي، وفي ظل تصاعد أرقام البطالة بين مختلف شرائح المجتمع والباحثين عن فرصة عمل مع أن الكثيرين منهم قد يفتقرون إلى الكفاءة والمهارات التدريبية، بينما يوجد لدى مختلف الوزارات معاهد ومراكز تدريب هي أشبه بمستودعات لوسائل وأدوات تدريب يعلوها غبار الإهمال والترهل الإداري برغم أنها تمتلك من الكوادر والموظفين الإداريين وربما يزيد على حاجتها منهم وبلا أي عمل يذكر سوى تسجيل الحضور اليومي ومنها ما يحتوي على وسائل وأدوات تعليم وتدريب أكلها الإهمال وعدم الاستخدام سنوات طويلة رغم وجود مديرين لها يشكون قلة الحيلة والعمل أمام نقص كوادرها الفنية الناجم عن تعطيل عمل هذه المعاهد والمراكز، بينما مئات الطلاب الذين لم تتح لهم إمكاناتهم وعلاماتهم وربما المفاضلات التعليمية المتبعة بأن تستوعبهم هذه المراكز وخاصة منهم خريجو الثانويات الصناعية والتجارية الذين يعزفون عن الالتحاق بها نتيجة عدم الثقة بما يمكن أن تقدمه لهم هذه المعاهد والمراكز التدريبية التي تراكمت على مدار سنوات إحداثها لجهة استيعابهم في سوق العمل نتيجة انعدام ثقة أرباب العمل بمخرجاتها.
ومع ذلك هذه المراكز موجودة بهياكلها ومحتوياتها وكوادرها وتأخذ حيزاً كبيراً في خطط وزاراتها وموازناتها التي ترصد لها وربما على الورق من دون أي نتائج تذكر، علماً أن العديد من الدول معظم مبدعيها وعلمائها وخبراتها الفنية هي من نتاج معاهد تدريب عليا تحظى بسمعة ومراتب عالمية متقدمة تخرّج وتؤهل خبراتها وترفد أسواق العمل لديها بينما معاهدنا ومراكز التأهيل والتدريب لدينا مجرد هياكل بلا روح وقد غيبها غبار الإهمال في مرحلة هي بأمسّ الحاجة لمخرجات تعليمية تلبي حاجة سوق العمل.
معذى هناوي